جدار حماية القدس والمسجد الأقصى ضد العدو الصهيوني
كتب: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
16/04/1431 الموافق 31/03/2010
تُغزى الأممُ أولَ وأخطرَ ما تُغزى في فكرِها وعقيدتِها،يحتلُّ العدوُّ القلوبَ قبلَ أن يحتلَّ العقول،واحتلال القلوب له أساليب وأشكال متعددة،منها الافتتان بما لدى هذا العدو والتحمس له ثم تقليده ،ثم تبني ما تمَّ تقليده والدفاع عنه كأنه من ابتكار المُقّلِد،فإذا احتل العدو القلوب فسدتْ العقول،وفسادُ العقول مظهرُه البعدُ عن الأصول الثقافية الذي يفقد معه الإنسان القدرة على الحكم الصائب،أو اتخاذ القرار الراشد في حياته الفردية أولاً،ثم على مستوى الأسرة،وعندما يقوم بوظيفة في مجتمعه ينعكس ذلك على الدور الذي يمارسه في إطار هذه الوظيفة،وفي مجال التأثير الذي يوجهه نحو الذين يقعون في دائرة تأثير هذا الدور،ومن مظاهر فساد العقول الناتج عن فساد القلوب اضطراب الإدراك،وتناقض مخرجات السلوك، وتعارض الرؤى،فتضعف القدرة على التمييز بين الحق والباطل،وتتلاشى تدريجيًا الحدود بين المباح والممنوع،وتتصادم المصالح؛فلا يميز الإنسان بين ما له وما للآخرين،ولا يعود يعبأ بالتمييز بين ما هو خاص وما هو عام،ويزيد الأمر اضطرابًا عند ضعف أو فقدان المعايير التي يُقاس عليها السلوك الفردي والجمعي ؛نتيجة لانتشار الخلاف عندما يُعجبُ كلٌّ برأيه، ويصبح السلوك الفردي مقياسًا ومعيارًا،وتغدو الذات هي المقياس،وليس أخطر على الجماعات البشرية ـ صغيرها وكبيرها ـ من الحالة التي يضيع فيها المعيار العام، ويصبح كل فرد معيارًا لذاته،وأشدُّ تلك الحالات ضررًا عندما تنتقل تلك الآفة إلى ولاة الأمور ،ودوائر أصحاب القرار في مختلف المستويات،أو تتطون في القيادات والنخب والرواد،وأشدها خطرًا عندما تقترن بوجود نوعٍ من السلطة أو القوة التي تزيد من تعظيم الإنسان لذاته،وتلبس عليه نفسه الأمارة بالسوء فتأمره أن يستهين بالآخر ،أو أن يتجاهل مصالحه، فيهين كرامته وقلل من قيمته،أو يلغيه بأي طريقة من الطرق التي تزينها الحالة التي تسمى:الاستبداد والطغيان،تحت ظروف وضغوط واستحقاقات تجبر الطاغية أو المستبد على تناسي أن الخلاف أمر مشروع،وأنه أصل في الخلق،فيفقد في هذه المرحلة ـ بإرادة أو لا إرادة ـ القدرة على التمييز بين الخطأ من الصواب،وتسيطر عليه حالة من ضيق الصدر والتبرم بالنقد حتى ولو كان صوابًا.
ويمكن استخلاص واستنتاج هذه الحالة من العمى الفكري،والضلال الدلالي ،والاضطراب المعرفي الذي ينتج عنه فساد الفكر والسلوك من الأمثلة التي ساقها القرآن الكريم عن أخبار وقصص الأمم السابقة مع أنبيائهم،وهي أمثلة واقعية تجريبية موضوعية تتكرر في كل عصر،وخاصية الموضوعية العلمية فيها أنها:
1ـ ثابتة قابلة للتكرار:بضمانة أن جميع البشر مشتركون في خصائص بشرية عامة انتقلت إليهم بالوراثة العامة عن طريق اشتراكهم في أصل الخلق الأول من أب وأم أصلهما الطين،بالإضافة إلى أن تلك القصص عن تلك الأمم كانت ميدانًا تجريبيًا للسنن الإلهية مطلقة الصدق والثبات اللذين اكتسبتهما من مصدرهما العلوي
2 ـ وهي سنن صادقة : وتظهر آثار صدقها وتتكشف في العمل في الأفراد والمجتمعات،لا تخطئ في عملها ولا تتحول في إطار الأوامر الإلهية،ولا تستثني أحدًا من هذه الشعوب إلا في حدود المشيئة الإلهية.
3 ـ وهي مطلقة التحقق:لأنها تملك خصائص القوة في فرض الحتمية العلمية التي تفرض العلاقة الضرورية بين السبب والنتيجة ،وهي بذلك أكثر تحقيقًا للفعل من القوانين أو النظريات البشرية نسبية الصدق والثبات، وتوضح فعل السنن الإلهية في المجتمعات التي تنتشر فيها الفوضى المعرفية ، وترفض هُدى الله الذي جاء به أنبياؤه ورسله وحيًا وتكليفًا بالبلاغ والبشارة والنذارة.
موقف تجريبي من القرآن الكريم :
لقد بادت واندثرت الشعوب والجماعات التي وردت قصصها في القرآن الكريم، وبقيت شواهد فعل السنن الإلهية في إهلاكها في الميدان التجريبي لهذه السنن: الجزيرة العربية وما حولها ماثلة تؤكد ثبات وصدق المنهج الإلهي الذي لا يخطئ ولا يحيد.
ورد الترتيب المنهجي لفعل السنن الإلهية في أوائل سورة الإسراء،قال الله تعالى : ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)(الإسراء16)
في هذه الآية تصوير لفعل سنة إلهية تبين العليّة العلمية(التسبيب الموضوعي للحدث)الذي يوضح الرابطة السببية بين السبب (السابق) على النتيجة (اللاحقة) في العلاقة العلمية الخطية( أ سبب ب ) أو ( أ يؤدي إلى ب ).
والعلاقات السببية في الآية القرآنية تظهر من الرابطة بين كل فعل من الأفعال المذكورة فيها،وأنها نتيجة لما سبقها،وهو في نفس الوقت سبب لما يأتي بعده ،وتوضيح ذلك كالتالي:
(إرادة الله بإهلاك أمة أو جماعة أو شعب في إطار عمل سنة الله القاضية بأن المترفين الفاسقين هم العلة أو السبب الأول للإهلاك،والمعنى اللغوي للفسق الخروج،ومعناه الاصطلاحي التمرد والخروج عن الطاعة،ومخالفة النواميس والمعايير الاجتماعية والأحكام الدينية والأخلاقية،فالمترفون هم الذين ينشرون الفسق أولاً في الجماعة البشرية،ثم يقلدهم غيرهم من الضعفة،وعند انتشار الفسق يأتي فعل السنة الإلهية التالية ،الأمر بالتدمير وإهلاك القرية التي تؤوي هذه الجماعة.) وهذه الآية في سورة الإسراء أوضح برهان على تتابع فعل السبب في صناعة النتيجة في سلسلة منطقية تجريبية تتكرر في كل أمة ينطبق عليها هذا القول الواضح المبين.
المسجد الأقصى المبارك وفعل السنن الإلهية:
وفي هذا الإطار العقدي التجريبي تجمعت تحت اسم (إسرائيل وبني إسرائيل ويهود) جماعات بشرية حالية خضعت لفعل تلك السنن بترتيب نظمي للحتمية القدرية ،وظهرت في المحيط الذي تشغله شعوب النقيض العقدي والثقافي والعنصري (القومي)والوجودي والواقعي ،المعروفة بالشعوب العربية،ومواطنها هي نفس الميدان الذي لا يزال يحمل البراهين والأدلة المعرفية والتاريخية على عمل تلك السنن، والكثير منها لا يزال يحمل الأسماء التي حافظت عليها الثقافة القرآنية المتجذرة في وجدان ولسان تلك الشعوب،كما أنها متجذرة في ترابها وصخورها.
وعلينا أن نتوقف قليلاً في حكمة ورودها في سورة الإسراء التي تعرف عند العلماء باسم آخر وهو (سورة بني إسرائيل)حيث ورد في صدرها قسم من قصة (بني إسرائيل) في إرادة وصناعة الفساد والإفساد في الأرض.
قال الله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)(الإسراء)
ذهب العلماء وغير العلماء من المثقفين والمتعلمين بمختلف مشاربهم ومذاهبهم قديمًا وحديثًا مذاهب شتى في تفسير هذه الآيات،وأغرب التفاسير والتخريجات المعاصرة جاءت تحت وطأة وضغوط الهزائم والتَضَاعف أمام اليهود وتكالبهم على المقدسات الإسلامية التي يقع المسجد الأقصى في واسطة العقد منها ،وأمام ما يحدث حاليًا على مسرح مدينة القدس من تهويد واستيطان لم يتوقف،ولا يبدو أنه سيتوقف ما دامت البلاد العربية والإسلامية تتجاهل ما يحدث هناك،وفي ضوء ذلك نُذَكِّر بجدار حماية معرفي قرآني قد يشكل وسيلة من الوسائل الناجعة في مواجهة الوضع الراهن.
وقبل أن نخوض في تفاصيل جدار الحماية ذاك أسأل هذه الأسئلة المشروعة :
ـ لو أن جماعة من الجماعات أو دولة من الدولة احتلت صخرة واحدة من بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو أمريكا أو حتى اليونان أو مصر أو الهند... ماذا سيكون موقف كل دولة من هذه الدول؟
ـ وماذا لو سيطرت جماعة إرهابية على فندق في إحدى الدول العربية ... ماذا سيكون موقف هذه الدولة؟
ـ ولماذا يقف الجميع ـ بما فيهم بعض الفلسطينيين ـ متخاذلين وضائعين والمسجد الأقصى مهدد في كل لحظة بالخراب والهدم؟
الجواب بالطبع معروف،وسره في الدولة القُطرية وفي الأنظمة الرسمية المتحالفة مع الغزاة الأمريكان حلفاء العدو الصهيوني الإجرامي الغازي،وسره أيضًا في أصحاب فلسفة المفاوضات العبثية،وأصحاب مبادرة السلام،وكل فرد لا يهمه مسرى النبي ومعراجه،ولا يختلف الأمر أن تديره السلطات الأردنية قبل هزيمة 1967م،أو تديره سلطة الاحتلال اليهودي قبل سلطة أوسلو المشئومة ودخولها إلى رام الله منذ 1993م،أو حكومة نتنياهو واليمين اليهودي الإجرامي المتطرف في الحكومة الحالية.
التفسير المختار لهذه الآيات :
نقتبس كامل التفسير من شيخ وإمام المفسرين محمد بن جرير الطبري(المتوفى 310هـ) و(أطلب من القارئ المهتم بهذا الموضوع بعض الصبر، وأن يقرأ ويتفكر ويتدبر فيما يقرأ.)
الكلام نصًا للإمام الطبري ورواته الذين استند على رواياتهم في تفسير الآيات الثلاث:ومعنى الحروفثنا = أي حدثنا . ثني = أي حدثني . من مصطلحات رواية الحديث .) كلام الإمام الطبري رحمه الله:
ـ القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا (5) }قال الطبري (رحمه الله) وقد بيَّنا فيما مضى قبل أن معنى القضاء: الفراغ من الشيء، ثم يستعمل في كلّ مفروغ منه، فتأويل الكلام في هذا الموضع: وفرغ ربك إلى بني إسرائيل فيما أنزل من كتابه على موسى صلوات الله وسلامه عليه بإعلامه إياهم،وإخباره لهم(لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ ) يقول: لتعصُنّ الله يا معشر بني إسرائيل ولتخالفُنّ أمره في بلاده مرّتين( وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ) يقول: ولتستكبرنّ على الله باجترائكم عليه استكبارا شديدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله(وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إسْرَائِيلَ) قال: أعلمناهم.
ـ حدثني عليّ بن داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله(وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إسْرَائِيلَ) يقول: أعلمناهم.
ـ وقال آخرون: معنى ذلك: وقضينا على بني إسرائيل في أمّ الكتاب، وسابق علمه.
* ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلك:
ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس،(وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إسْرَائِيلَ) قال: هو قضاء مضى عليهم.
ـ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سيعد، عن قتادة، قوله(وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إسْرَائِيلَ) قضاء قضاه على القوم كما تسمعون. وقال آخرون: معنى ذلك: أخبرنا.
* ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلك:
ـ حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله(وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ) قال: أخبرنا بني إسرائيل.
وكلّ هذه الأقوال تعود معانيها إلى ما قلت في معنى قوله(وَقَضَيْنا) وإن كان الذي اخترنا من التأويل فيه أشبه بالصواب لإجماع القرّاء على قراءة قوله(لَتُفِسُدَّن) بالتاء دون الياء، ولو كان معنى الكلام: وقضينا عليهم في الكتاب، لكانت القراءة بالياء أولى منها بالتاء، ولكن معناه لما كان أعلمناهم وأخبرناهم، وقلنا لهم: كانت التاء أشبه وأولى للمخاطبة.
قصة فساد بني إسرائيل في الأرض:
وكان فساد بني إسرائيل في الأرض المرةّ الأولى قتل النبي زكريا :ما حدثني به هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ في خبر ذكره عن أبي صالح، وعن أبي مالك، عن ابن عباس، وعن مرّة، عن عبد الله أن الله عهد إلى بني إسرائيل في التوراة(لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ) فكان أوّل الفسادين: قتل زكريا، فبعث الله عليهم ملك النبط، وكان يُدعى صحابين فبعث الجنود، وكان أساورته من أهل فارس، فهم أولو بأس شديد، فتحصنت بنو إسرائيل.وقتل النبي يحي بن زكريا: وخرج فيهم بختنصر يتيما مسكينا، إنما خرج يستطعم، وتلطف حتى دخل المدينة فأتى مجالسهم، فسمعهم يقولون: لو يعلم عدونا ما قُذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم، واشتد القيام على الجيش، فرجعوا، وذلك قول الله( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ) .
ثم إن بني إسرائيل تجهَّزوا، فغزوا النبط، فأصابوا مهم واستنقذوا ما في أيديهم، فذلك قول الله( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ) يقول: عددا.
ـ حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين: قتل زكريا ويحيى بن زكريا، سلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف ملكا من ملوك فارس،من قتل زكريا،وسلَّط عليهم بختنصر من قتل يحيى.
ـ حدثنا عصام بن رواد بن الجراح، قال: ثنا أبي، قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوري، قال: ثنا منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، قال:
القول الفصل في قصة إفساد بني إسرائيل :
(حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم )
سمعت حُذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بنِي إسْرَائِيلَ لَمَّا اعْتَدَوْا وَعَلَوْا، وقَتَلُوا الأنْبِيَاءَ، بَعَثَ الله عَلَيْهِمْ مَلِكَ فَارِسَ بُخْتَنَصَّر، وكانَ الله مَلَّكَهُ سَبْعَ مِئَة سَنةٍ، فسارِ إِلَيْهمْ حتى دَخَلَ بَيْتَ المَقْدِسِ فَحاصَرَهَا وَفَتَحَها، وَقَتَلَ عَلى دَمِ زَكَرِيَّا سَبْعينَ ألْفا، ثُمَّ سَبَى أهْلَها وبَنِي الأنْبِياء، وَسَلَبَ حُليَّ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَاسْتَخْرَجَ مِنْها سَبْعِينَ ألْفا ومائة ألْفِ عَجَلَةٍ مِنْ حُلَيٍّ حتى أوْرَدَهُ بابِلَ، قال حُذيفة: فقلت: يا رسول الله لقد كان بيت المقدس عظيما عند الله؟ قال: أجَلْ بَناهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ ذَهَبٍ وَدُرّ وَياقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ، وكانَ بَلاطُه بَلاطَةً مِنْ ذَهَب وَبَلاطَةً منْ فِضَّةٍ، وعُمُدُهُ ذَهَبا، أعْطاهُ الله ذلك، وسَخَّرَ لَهُ الشَّياطينَ يأْتُونَهُ بِهذِهِ الأشْياءِ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ ، فَسارَ بُخْتَنَصَّر بهذِه الأشْياءِ حتى نزلَ بِها بابِلَ، فَأقامَ بَنُوا إسْرَائِيلَ في يَدَيهِ مِئَةَ سَنَةٍ تُعَذّبُهُمُ المَجُوسُ وأبْناءُ المَجُوسِ، فيهمُ الأنْبِياءُ وأبْناءُ الأنْبِياء، ثُمَّ إِنَّ الله رَحمَهُمْ، فأوْحَى إلى مَلِك مِنْ مُلُوكِ فارِس يُقالُ لَهُ كُورَسُ، وكانَ مُؤْمِنا، أَنْ سِرْ إلى بَقايا بَنِي إِسْرَائِيلَ حتى تَسْتَنْقذَهُمْ، فَسارَ كُورَسُ بِبَنِي إسْرَائِيلَ وحُليِّ بَيْتِ المَقْدِسِ حتى رَدَّهُ إِلَيْهِ، فَأقامَ بَنُو إسْرَائِيلَ مُطِيعينَ لله مِئَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُمْ عادُوا في المعَاصِي، فَسَلَّطَ الله عَلَيْهِمْ ابْطيانْحُوسَ فَغَزَا بأبْناءِ مَنْ غَزَا مَعَ بُخْتَنَصَّر، فَغَزَا بَنِي إسْرَائِيلَ حتى أتاهُمْ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَسَبى أهْلَها، وأحْرَقَ بَيْتَ المَقْدِسِ، وَقَالَ لَهُمْ: يا بَنِي إسْرَائِيلَ إنْ عُدْتُمْ فِي المعَاصِي عُدْنا عَلَيْكُمْ بالسِّباءِ، فَعادُوا فِي المعَاصِي، فَسَيَّر الله عَلَيْهِمُ السِّباء الثَّالِثَ مَلِكَ رُوميَّةَ، يُقالُ لَهُ قاقِسُ بْنُ إسْبايُوس، فَغَزَاهُم فِي البَرّ والبَحْرِ، فَسَباهُمْ وَسَبى حُلِيّ بَيْتِ المَقْدِسِ، وأحْرَقَ بَيْتَ المَقْدِسِ بالنِّيرَانِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذَا مِنْ صَنْعَةِ حُلِيّ بَيْتِ المَقْدِسِ، ويَرُدُّهُ المَهْدِيُّ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَهُوَ ألْفُ سَفِينَةٍ وسَبْعُ مِئَةِ سَفِينَةٍ، يُرْسَى بِها عَلى يافا حتى تُنْقَلَ إلى بَيْتَ المَقْدِسِ، وبِها يَجْمَعُ الله الأوَّلِينَ والآخِرِينَ".
ـ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، قال: كان مما أنزل الله على موسى في خبره عن بني إسرائيل، وفي أحداثهم ما هم فاعلون بعده ، فقال( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ).... إلى قوله( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) فكانت بنو إسرائيل، وفيهم الأحداث والذنوب، وكان الله في ذلك متجاوزا عنهم، متعطفا عليهم محسنا إليهم، فكان مما أُنزل بهم في ذنوبهم ما كان قدَّم إليهم في الخبر على لسان موسى مما أنزل بهم في ذنوبهم، فكان أول ما أنزل بهم من تلك الوقائع، أن ملكا منهم كان يُدعى (صديقة)، وكان الله إذا ملَّك الملِك عليهم، بعث نبيا يسدّده ويرشده، ويكون فيما بينه وبين الله، ويحدث إليه في أمرهم، لا ينزل عليهم الكتب، إنما يؤمرون باتباع التوراة والأحكام التي فيها، وينهونهم عن المعصية، ويدعونهم إلى ما تركوا من الطاعة؛ فلما ملك ذلك الملك، بعث الله معه شعياء بن أمُصيا وذلك قبل مبعث زكريا ويحيى وعيسى وشعياء الذي بشَّر بعيسى ومحمد، فملك ذلك الملك بني إسرائيل وبيت المقدس زمانا.
فلما انقضى ملكه عظمت فيهم الأحداث، وشعياء معه، بعث الله عليهم سنحاريب ملك بابل، ومعه ستّ مئة ألف راية، فأقبل سائرا حتى نزل نحو بيت المقدس، والملك مريض في ساقه قرحة، فجاء النبي شعياء، فقال له: يا ملك بني إسرائيل إن سنحاريب ملك بابل، قد نزل بك هو وجنوده ستّ مئة ألف راية، وقد هابهم الناس وفرّقوا منهم، فكبر ذلك على الملك، فقال: يا نبيّ الله هل أتاك وحي من الله فيما حدث، فتخبرنا به كيف يفعل الله بنا وبسنحاريب وجنوده، فقال له النبيّ عليه السلام: لم يأتني وحي أحدث إليّ في شأنك، فبيناهم على ذلك، أوحى الله إلى شعياء النبيّ: أن ائت ملك بني إسرائيل، فمره أن يوصي وصيته، ويستخلف على ملكه من شاء من أهل بيته.
فأتى النبيّ شيعاء ملك بني إسرائيل صديقة، فقال له: إن ربك قد أوحى إليّ أن آمرك أن توصي وصيتك، وتستخلف من شئت على مُلكك من أهل بيتك، فإنك ميت؛ فلما قال ذلك شعياء لصديقة، أقبل على القبلة، فصلى وسبح ودعا وبكى، فقال وهو يبكي ويتضرّع إلى الله بقلب مخلص وتوكل وصبر وصدق وظنّ صادق:
دعاء الملك(1)
اللهمّ ربّ الأرباب، وإله الآلهة، قدُّوس المتقدسين، يا رحمن يا رحيم، المترحم الرءوف الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، اذكرني بعملي وفعلي وحُسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك، فأنت أعلم به من نفسي؛ سرّي وعلانيتي لك.
نتيجة الدعاء:
وإن الرحمن استجاب له وكان عبدا صالحا، فأوحى الله إلى شعياء أن يخبر صديقة الملك أن ربه قد استجاب له وقبل منه ورحمه، وقد رأى بكاءه، وقد أخَّر أجله خمس عشرة سنة، وأنجاه من عدوّه سنحاريب ملك بابل وجنوده، فأتى شعياء النبيّ إلى ذلك الملك فأخبره بذلك، فلما قال له ذلك ذهب عنه الوجع، وانقطع عنه الشرّ والحزن وخرّ ساجدا وقال:
دعاء الملك (2)
يا إلهي وإله آبائي، لك سجدت وسبَّحت وكرمت وعظمت، أنت الذي تعطي المُلك من تشاء، وتنزعه ممن تشاء، وتعزّ من تشاء، وتذلّ من تشاء، عالم الغيب والشهادة، أنت الأوّل والآخر، والظاهر والباطن، وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرّين، أنت الذي أحببت دعوتي ورحمت تضرّعي؛
نتيجة الدعاء:
فلما رفع رأسه، أوحى الله إلى شعياء أن قل للملك (صديقة) فيأمر عبدا من عبيده بالتينة، فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحته فيشفى، ويصبح وقد برأ، ففعل ذلك فشفي، وقال الملك لشعياء النبيّ: سل ربك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدوّنا هذا، قال: فقال الله لشعياء النبيّ: قل له: إني قد كفيتك عدوّك، وأنجيتك منه، وإنهم سيصبحون موتى كلهم إلا سنحاريب وخمسة من كتابه؛ فلما أصبحوا جاءهم صارخ ينبئهم، فصرخ على باب المدينة: يا ملك بني إسرائيل، إن الله قد كفاك عدوّك فاخرج، فإن سنحاريب ومن معه قد هلكوا؛ فلما خرج الملك التمس سنحاريب، فلم يُوجد في الموتى، فبعث الملك في طلبه، فأدركه الطلب في مغارة وخمسة من كتابه، أحدهم بختنصر، فجعلوهم في الجوامع، ثم أتوا بهم ملك بني إسرائيل؛ فلما رآهم خرّ ساجدا من حين طلعت الشمس حتى كانت العصر، ثم قال لسنحاريب: كيف ترى فعل ربنا بكم؟ ألم يقتلكم بحوله وقوّته، ونحن وأنتم غافلون؟ فقال سنحاريب له: قد أتاني خبر ربكم، ونصره إياكم، ورحمته التي رحمكم بها قبل أن أخرج من بلادي، فلم أطع مرشدا، ولم يلقني في الشقوة إلا قلة عقلي، ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم، ولكن الشقوة غلبت عليّ وعلى من معي، فقال ملك بني إسرائيل: الحمد لله رب العزّة الذي كفاناكم بما شاء، إن ربنا لم يُبقك ومن معك لكرامة بك عليه، ولكنه إنما أبقاك ومن معك لما هو شرّ لك، لتزدادوا شقوة في الدنيا، وعذابا في الآخرة، ولتخبروا من وراءكم بما لقيتم من فعل ربنا، ولتنذروا من بعدكم، ولولا ذلك ما أبقاكم، فلدمُك ودم من معك أهون على الله من دم قراد لو قتلته، ثم إن ملك بني إسرائيل أمر أمير حرسه، فقذف في رقابهم الجوامع، وطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس إيليا، وكان يرزقهم في كلّ يوم خبزتين من شعير لكل رجل منهم، فقال سنحاريب لملك بني إسرائيل: القتل خير مما يفعل بنا، فافعل ما أمرت، فنقل بهم الملك إلى سجن القتل، فأوحى الله إلى شعياء النبيّ أن قل لملك بني إسرائيل يرسل سنحاريب ومن معه لينذروا من وراءهم، وليكرمهم ويحملهم حتى يبلغوا بلادهم؛ فبلَّغ النبيّ شعياء الملك ذلك، ففعل، فخرج سنحاريب ومن معه حتى قدموا بابل؛ فلما قدموا جمع الناس فأخبرهم كيف فعل الله بجنوده، فقال له كهَّانه وسحرته: يا ملك بابل قد كنا نقصّ عليك خبر ربهم وخبر نبيهم، ووحي الله إلى نبيهم، فلم تطعنا، وهي أمَّة لا يستطيعها أحد مع ربهم، فكان أمر سنحاريب مما خوّفوا، ثم كفاهم الله تذكرة وعبرة، ثم لبث سنحاريب بعد ذلك سبع سنين، ثم مات.
ـ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما مات سنحاريب استخلف بختنصر ابن ابنه على ما كان عليه جدّه يعمل بعمله، ويقضي بقضائه، فلبث سبع عشرة سنة. ثم قبض الله ملك بني إسرائيل صديقة؛ فمرج أمر بني إسرائيل وتنافسوا المُلك، حتى قتل بعضهم بعضا عليه، ونبيهم شعياء معهم لا يذعنون إليه، ولا يقبلون منه؛ فلما فعلوا ذلك.
جدار الحماية القرآني ومصدره العلوي :
قال الله فيما بلغنا لشعياء: ( قم في قومك أوح على لسانك؛ فلما قام النبيّ أنطق الله لسانه بالوحي فقال: يا سماء استمعي، ويا أرض أنصتي، فإن الله يريد أن يقصّ شأن بني إسرائيل الذين رباهم بنعمته، واصطفاهم لنفسه، وخصَّهم بكرامته، وفضلهم على عباده، وفضَّلهم بالكرامة، وهم كالغنم الضائعة التي لا راعي لها، فآوى شاردتها، وجمع ضالتها، وجبر كسيرها، وداوى مريضها، وأسمن مهزولها، وحفظ سمينها؛ فلما فعل ذلك بطرت، فتناطحت كباشها فقتل بعضها بعضا، حتى لم يبق منها عظم صحيح يجبر إليه آخر كسير، فويل لهذه الأمة الخاطئة، وويل لهؤلاء القوم الخاطئين الذين لا يدرون أين جاءهم الحين. إن البعير ربما يذكر وطنه فينتابه، وإن الحمار ربما يذكر الآريّ الذي شبع عليه فيراجعه، وإن الثور ربما يذكر المرج الذي سمن فيه فينتابه، وإن هؤلاء القوم لا يدرون من حيث جاءهم الحين، وهم أولو الألباب والعقول، ليسوا ببقر ولا حمير، وإني ضارب لهم مثلا فليسمعوه: قل لهم: كيف ترون في أرض كانت خواء زمانا، خربة مواتا لا عمران فيها، وكان لها ربّ حكيم قويّ، فأقبل عليها بالعمارة، وكره أن تخرب أرضه وهو قويّ، أو يقال ضيع وهو حكيم، فأحاط عليها جدارا، اسمه في الكتاب المقدس: إشعياء بن آموص.وشيَّد فيها قصرا، وأنبط فيها نهرا، وصفّ فيها غراسا من الزيتون والرمان والنخيل والأعناب، وألوان الثمار كلها، وولى ذلك واستحفظه فيما ذا رأي وهمّة، حفيظا قويا أمينا، وتأنى طلعها وانتظرها؛ فلما أطلعت جاء طلعها خروبا، قالوا: بئست الأرض هذه، نرى أن يهدم جدرانها وقصرها، ويدفن نهرها، ويقبض قيمها، ويحرق غراسها حتى تصير كما كانت أوّل مرّة، خربة مواتا لا عمران فيها، قال الله لهم: فإن الجدار ذمتي، وإن القصر شريعتي، وإن النهر كتابي، وإن القِّيم نبيي، وإن الغراس هم ، وإن الخروب الذي أطلع الغراس أعمالهم الخبيثة، وإني قد قضيت عليهم قضاءهم على أنفسهم، وإنه مثَلٌ ضربه الله لهم يتقرّبون إليّ بذبح البقر والغنم، وليس ينالني اللحم ولا آكله، ويدّعون أن يتقرّبوا بالتقوى والكفّ عن ذبح الأنفس التي حرمتها، فأيديهم مخضوبة منها، وثيابهم متزملة بدمائها، يشيدون لي البيوت مساجد، ويطهرون أجوافها، وينجسون قلوبهم وأجسامهم ويدنسونها، ويزوّقون لي البيوت والمساجد ويزينونها، ويخرّبون عقولهم وأحلامهم ويفسدونها، فأيّ حاجة لي إلى تشييد البيوت ولست أسكنها، وأيّ حاجة إلى تزويق المساجد ولست أدخلها، إنما أمرت برفعها لأذكر فيها وأسبح فيها، ولتكون معلما لمن أراد أن يصلي فيها، يقولون: لو كان الله يقدر على أن يجمع ألفتنا لجمعها، ولو كان الله يقدر على أن يفقِّه قلوبنا لأفقهها، فاعمد إلى عودين يابسين، ثم ائت بهما ناديهما في أجمع ما يكونون، فقل للعودين: إن الله يأمركما أن تكونا عودا واحدا، فلما قال لهما ذلك، اختلطا فصارا واحدا، فقال الله: قل لهم: إني قدرت على ألفة العيدان اليابسة وعلى أن أولِّف بينها، فكيف لا أقدر على أن أجمع ألفتهم إن شئت، أم كيف لا أقدر على أن أفقِّه قلوبهم، وأنا الذي صوّرتها؛ يقولون: صمنا فلم يرفع صيامنا، وصلَّينا فلم تنوّر صلاتنا، وتصدّقنا فلم تزكّ صدقاتنا، ودعونا بمثل حنين الحمام، وبكينا بمثل عواء الذئب، في كلّ ذلك لا نسمع، ولا يُستجاب لنا؛ قال الله: فسلهم ما الذي يمنعني أن أستجيب لهم، ألست أسمع السامعين، وأبصر الناظرين ، وأقرب المجيبين، وأرحم الراحمين؟ ألأنّ ذات يدي قلت، كيف ويداي مبسوطتان بالخير، أنفق كيف أشاء، ومفاتيح الخزائن عندي لا يفتحها ولا يغلقها غيري، ألا وإن رحمتي وسعت كلّ شيء، إنما يتراحم المتراحمون بفضلها ؛ أو لأن البخل يعتريني، أو لست أكرم الأكرمين والفتاح بالخيرات، أجود من أعطى، وأكرم من سُئل؛ لو أنّ هؤلاء القوم نظروا لأنفسهم بالحكمة التي نوّرت في قلوبهم فنبذوها، واشتروا بها الدنيا، إذن لأبصروا من حيث أتوا، وإذن لأيقنوا أن أنفسهم هي أعدى العداة لهم، فكيف أرفع صيامهم وهم يلبسونه بقول الزور، ويتقوّون عليه بطعمة الحرام، وكيف أنوّر صلاتهم، وقلوبهم صاغية إلى من يحاربني ويحادّني، وينتهك محارمي، أم كيف تزكو عندي صدقاتهم وهم يتصدّقون بأموال غيرهم، أو جر عليها أهلها المغصوبين، أم كيف أستجيب لهم دعاءهم وإنما هو قول بألسنتهم والفعل من ذلك بعيد، وإنما أستجيب للداعي اللين، وإنما أسمع من قول المستضعف المسكين، وإن من علامة رضاي رضا المساكين، فلو رحموا المساكين، وقرّبوا الضعفاء، وأنصفوا المظلوم، ونصروا المغصوب، وعدلوا للغائب، وأدّوا إلى الأرملة واليتيم والمسكين، وكلّ ذي حقّ حقه، ثم لو كان ينبغي أن أكلم البشر إذن لكلمتهم، وإذن لكنت نور أبصارهم، وسمع آذانهم، ومعقول قلوبهم، وإذن لدعمت أركانهم، فكنت قوّة أيديهم وأرجلهم، وإذن لثبَّت ألسنتهم وعقولهم، يقولون لمَّا سمعوا كلامي، وبلغتهم رسالاتي بأنها أقاويل منقولة، وأحاديث متوارثة، وتآليف مما تؤلف السحرة والكهنة، وزعموا أنهم لو شاءوا أن يأتوا بحديث مثله فعلوا، وأن يطلعوا على الغيب بما توحي إليهم الشياطين طلعوا، وكلهم يستخفي بالذي يقول ويسرّ، وهم يعلمون أني أعلم غيب السماوات والأرض، وأعلم ما يبدون وما يكتمون، وإني قد قضيت يوم خلقت السماوات والأرض قضاء أثبته على نفسي، وجعلت دونه أجلا مؤجلا لا بدّ أنه واقع، فإن صدقوا بما ينتحلون من علم الغيب، فليخبروك متى أنفذه، أو في أيّ زمان يكون، وإن كانوا يقدرون على أن يأتوا بما يشاءون، فليأتوا بمثل القُدرة التي بها أمضيت، فإني مظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وإن كانوا يقدرون على أن يقولوا ما يشاءون فليؤلِّفوا مثل الحكمة التي أدبر بها أمر ذلك القضاء إن كانوا صادقين.
محمد صلى الله عليه وسلم ومنهجه كما ورد في كلام الله سبحانه وتعالى لشعياء(إشعياء) أحد أنبياء بني إسرائيل :
ويواصل ابن جرير يرحمه الله في تفسيره:
قال الله تعالى لشعياء (فإني قد قضيت يوم خلقت السموات والأرض أن أجعل النبوّة في الأُجراء، وأن أحوّل الملك في الرعاء، والعزّ في الأذلاء، والقوّة في الضعفاء، والغنى في الفقراء، والثروة في الأقلاء، والمدائن في الفلوات، والآجام في المفاوز، والبردى في الغيطان، والعلم في الجهلة، والحكم في الأميين، فسلهم متى هذا، ومن القائم بهذا، وعلى يد من أسنه، ومن أعوان هذه الأمر وأنصاره إن كانوا يعلمون، فإني باعث لذلك نبيا أمِّيا، ليس أعمى من عميان، ولا ضالا من ضالِّين، وليس بفظّ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفُحش، ولا قوّال للخنا، أسدده لكل جميل، أهب له كلّ خلق كريم، أجعل السكينة لباسه، والبرّ شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والعرف خلقه؛ والعدل والمعروف سيرته، والحقّ شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملَّته، وأحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأشهر به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلَّة، وأغني به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفُرقة، وأؤلِّف به قلوبا مختلفة، وأهواء مشتتة، وأممًا متفرّقة، وأجعل أمته خير أمَّة أُخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، توحيدا لي، وإيمانا وإخلاصا بي، يصلون لي قياما وقعودا، وركوعا وسجودا ، يُقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء رضواني، ألهمهم التكبير والتوحيد، والتسبيح والحمد والمدحة، والتمجيد لي في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم، يكبرون ويهلِّلون، ويقدّسون على رءوس الأسواق، ويطهرون لي الوجوه والأطراف، ويعقدون الثياب في الأنصاف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم صدورهم، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، ذلك فضلي أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم. )) خاتمة رواية الإمام الطبري عن النبي إشعيا:
فلما فرغ نبيهم شعياء إليهم من مقالته، عدوا عليه فيما بلغني ليقتلوه، فهرب منهم، فلقيته شجرة ، فانفلقت فدخل فيها، وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة من ثوبه فأراهم إياها، فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها، وقطعوه في وسطها.
جدار الحماية الذي لا يخذل أهله:
هذا هو فعل السنن الإلهية في الصراع الحالي،وهو منهج إلهي ثابت صادق لا يخطى ولا يحيد ، وكل ما يحدث تفاصيل لا تؤخر ولا تلغي قدر الله،وإنما هي العقول والقلوب ومدى صدقها وإيمانها بأن وعد الله في هؤلاء اليهود قادم لازم لا يتأخر ولا يتقدم،والتصديق بما أورده الإمام الطبري ـ رحمه الله ـ أمر اختياري إرادي ،فمن أراد يكون من حزب الله ورسوله الذين وردت صفاتهم في كلام إشعيا النبي فهو في جناب الله،يسعى إلى إحدى الحسنيين :الفوز والنصر المُبَشرِ به ،الموعود ،أو الشهادة والفوز بالجنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
تفسير الإمام الطبري،جزء 17 صفحة 362 وما بعدها)
المصدر : موقع التاريخ (عند النقل ذكر المصدر)
[b]
جدار حماية القدس والمسجد الأقصى ضد العدو الصهيوني
كتب: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
16/04/1431 الموافق 31/03/2010
[justify]تُغزى الأممُ أولَ وأخطرَ ما تُغزى في فكرِها وعقيدتِها،يحتلُّ العدوُّ القلوبَ قبلَ أن يحتلَّ العقول،واحتلال القلوب له أساليب وأشكال متعددة،منها الافتتان بما لدى هذا العدو والتحمس له ثم تقليده ،ثم تبني ما تمَّ تقليده والدفاع عنه كأنه من ابتكار المُقّلِد،فإذا احتل العدو القلوب فسدتْ العقول،وفسادُ العقول مظهرُه البعدُ عن الأصول الثقافية الذي يفقد معه الإنسان القدرة على الحكم الصائب،أو اتخاذ القرار الراشد في حياته الفردية أولاً،ثم على مستوى الأسرة،وعندما يقوم بوظيفة في مجتمعه ينعكس ذلك على الدور الذي يمارسه في إطار هذه الوظيفة،وفي مجال التأثير الذي يوجهه نحو الذين يقعون في دائرة تأثير هذا الدور،ومن مظاهر فساد العقول الناتج عن فساد القلوب اضطراب الإدراك،وتناقض مخرجات السلوك، وتعارض الرؤى،فتضعف القدرة على التمييز بين الحق والباطل،وتتلاشى تدريجيًا الحدود بين المباح والممنوع،وتتصادم المصالح؛فلا يميز الإنسان بين ما له وما للآخرين،ولا يعود يعبأ بالتمييز بين ما هو خاص وما هو عام،ويزيد الأمر اضطرابًا عند ضعف أو فقدان المعايير التي يُقاس عليها السلوك الفردي والجمعي ؛نتيجة لانتشار الخلاف عندما يُعجبُ كلٌّ برأيه، ويصبح السلوك الفردي مقياسًا ومعيارًا،وتغدو الذات هي المقياس،وليس أخطر على الجماعات البشرية ـ صغيرها وكبيرها ـ من الحالة التي يضيع فيها المعيار العام، ويصبح كل فرد معيارًا لذاته،وأشدُّ تلك الحالات ضررًا عندما تنتقل تلك الآفة إلى ولاة الأمور ،ودوائر أصحاب القرار في مختلف المستويات،أو تتطون في القيادات والنخب والرواد،وأشدها خطرًا عندما تقترن بوجود نوعٍ من السلطة أو القوة التي تزيد من تعظيم الإنسان لذاته،وتلبس عليه نفسه الأمارة بالسوء فتأمره أن يستهين بالآخر ،أو أن يتجاهل مصالحه، فيهين كرامته وقلل من قيمته،أو يلغيه بأي طريقة من الطرق التي تزينها الحالة التي تسمى:الاستبداد والطغيان،تحت ظروف وضغوط واستحقاقات تجبر الطاغية أو المستبد على تناسي أن الخلاف أمر مشروع،وأنه أصل في الخلق،فيفقد في هذه المرحلة ـ بإرادة أو لا إرادة ـ القدرة على التمييز بين الخطأ من الصواب،وتسيطر عليه حالة من ضيق الصدر والتبرم بالنقد حتى ولو كان صوابًا. ويمكن استخلاص واستنتاج هذه الحالة من العمى الفكري،والضلال الدلالي ،والاضطراب المعرفي الذي ينتج عنه فساد الفكر والسلوك من الأمثلة التي ساقها القرآن الكريم عن أخبار وقصص الأمم السابقة مع أنبيائهم،وهي أمثلة واقعية تجريبية موضوعية تتكرر في كل عصر،وخاصية الموضوعية العلمية فيها أنها:
1ـ ثابتة قابلة للتكرار:بضمانة أن جميع البشر مشتركون في خصائص بشرية عامة انتقلت إليهم بالوراثة العامة عن طريق اشتراكهم في أصل الخلق الأول من أب وأم أصلهما الطين،بالإضافة إلى أن تلك القصص عن تلك الأمم كانت ميدانًا تجريبيًا للسنن الإلهية مطلقة الصدق والثبات اللذين اكتسبتهما من مصدرهما العلوي
2 ـ وهي سنن صادقة : وتظهر آثار صدقها وتتكشف في العمل في الأفراد والمجتمعات،لا تخطئ في عملها ولا تتحول في إطار الأوامر الإلهية،ولا تستثني أحدًا من هذه الشعوب إلا في حدود المشيئة الإلهية.
3 ـ وهي مطلقة التحقق:لأنها تملك خصائص القوة في فرض الحتمية العلمية التي تفرض العلاقة الضرورية بين السبب والنتيجة ،وهي بذلك أكثر تحقيقًا للفعل من القوانين أو النظريات البشرية نسبية الصدق والثبات، وتوضح فعل السنن الإلهية في المجتمعات التي تنتشر فيها الفوضى المعرفية ، وترفض هُدى الله الذي جاء به أنبياؤه ورسله وحيًا وتكليفًا بالبلاغ والبشارة والنذارة.
موقف تجريبي من القرآن الكريم :
لقد بادت واندثرت الشعوب والجماعات التي وردت قصصها في القرآن الكريم، وبقيت شواهد فعل السنن الإلهية في إهلاكها في الميدان التجريبي لهذه السنن: الجزيرة العربية وما حولها ماثلة تؤكد ثبات وصدق المنهج الإلهي الذي لا يخطئ ولا يحيد.
ورد الترتيب المنهجي لفعل السنن الإلهية في أوائل سورة الإسراء،قال الله تعالى : ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)(الإسراء16)
في هذه الآية تصوير لفعل سنة إلهية تبين العليّة العلمية(التسبيب الموضوعي للحدث)الذي يوضح الرابطة السببية بين السبب (السابق) على النتيجة (اللاحقة) في العلاقة العلمية الخطية( أ سبب ب ) أو ( أ يؤدي إلى ب ).
والعلاقات السببية في الآية القرآنية تظهر من الرابطة بين كل فعل من الأفعال المذكورة فيها،وأنها نتيجة لما سبقها،وهو في نفس الوقت سبب لما يأتي بعده ،وتوضيح ذلك كالتالي:
(إرادة الله بإهلاك أمة أو جماعة أو شعب في إطار عمل سنة الله القاضية بأن المترفين الفاسقين هم العلة أو السبب الأول للإهلاك،والمعنى اللغوي للفسق الخروج،ومعناه الاصطلاحي التمرد والخروج عن الطاعة،ومخالفة النواميس والمعايير الاجتماعية والأحكام الدينية والأخلاقية،فالمترفون هم الذين ينشرون الفسق أولاً في الجماعة البشرية،ثم يقلدهم غيرهم من الضعفة،وعند انتشار الفسق يأتي فعل السنة الإلهية التالية ،الأمر بالتدمير وإهلاك القرية التي تؤوي هذه الجماعة.) وهذه الآية في سورة الإسراء أوضح برهان على تتابع فعل السبب في صناعة النتيجة في سلسلة منطقية تجريبية تتكرر في كل أمة ينطبق عليها هذا القول الواضح المبين.
المسجد الأقصى المبارك وفعل السنن الإلهية:
وفي هذا الإطار العقدي التجريبي تجمعت تحت اسم (إسرائيل وبني إسرائيل ويهود) جماعات بشرية حالية خضعت لفعل تلك السنن بترتيب نظمي للحتمية القدرية ،وظهرت في المحيط الذي تشغله شعوب النقيض العقدي والثقافي والعنصري (القومي)والوجودي والواقعي ،المعروفة بالشعوب العربية،ومواطنها هي نفس الميدان الذي لا يزال يحمل البراهين والأدلة المعرفية والتاريخية على عمل تلك السنن، والكثير منها لا يزال يحمل الأسماء التي حافظت عليها الثقافة القرآنية المتجذرة في وجدان ولسان تلك الشعوب،كما أنها متجذرة في ترابها وصخورها.
وعلينا أن نتوقف قليلاً في حكمة ورودها في سورة الإسراء التي تعرف عند العلماء باسم آخر وهو (سورة بني إسرائيل)حيث ورد في صدرها قسم من قصة (بني إسرائيل) في إرادة وصناعة الفساد والإفساد في الأرض.
قال الله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)(الإسراء)
ذهب العلماء وغير العلماء من المثقفين والمتعلمين بمختلف مشاربهم ومذاهبهم قديمًا وحديثًا مذاهب شتى في تفسير هذه الآيات،وأغرب التفاسير والتخريجات المعاصرة جاءت تحت وطأة وضغوط الهزائم والتَضَاعف أمام اليهود وتكالبهم على المقدسات الإسلامية التي يقع المسجد الأقصى في واسطة العقد منها ،وأمام ما يحدث حاليًا على مسرح مدينة القدس من تهويد واستيطان لم يتوقف،ولا يبدو أنه سيتوقف ما دامت البلاد العربية والإسلامية تتجاهل ما يحدث هناك،وفي ضوء ذلك نُذَكِّر بجدار حماية معرفي قرآني قد يشكل وسيلة من الوسائل الناجعة في مواجهة الوضع الراهن.
وقبل أن نخوض في تفاصيل جدار الحماية ذاك أسأل هذه الأسئلة المشروعة :
ـ لو أن جماعة من الجماعات أو دولة من الدولة احتلت صخرة واحدة من بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو أمريكا أو حتى اليونان أو مصر أو الهند... ماذا سيكون موقف كل دولة من هذه الدول؟
ـ وماذا لو سيطرت جماعة إرهابية على فندق في إحدى الدول العربية ... ماذا سيكون موقف هذه الدولة؟
ـ ولماذا يقف الجميع ـ بما فيهم بعض الفلسطينيين ـ متخاذلين وضائعين والمسجد الأقصى مهدد في كل لحظة بالخراب والهدم؟
الجواب بالطبع معروف،وسره في الدولة القُطرية وفي الأنظمة الرسمية المتحالفة مع الغزاة الأمريكان حلفاء العدو الصهيوني الإجرامي الغازي،وسره أيضًا في أصحاب فلسفة المفاوضات العبثية،وأصحاب مبادرة السلام،وكل فرد لا يهمه مسرى النبي ومعراجه،ولا يختلف الأمر أن تديره السلطات الأردنية قبل هزيمة 1967م،أو تديره سلطة الاحتلال اليهودي قبل سلطة أوسلو المشئومة ودخولها إلى رام الله منذ 1993م،أو حكومة نتنياهو واليمين اليهودي الإجرامي المتطرف في الحكومة الحالية.
التفسير المختار لهذه الآيات :
نقتبس كامل التفسير من شيخ وإمام المفسرين محمد بن جرير الطبري(المتوفى 310هـ) و(أطلب من القارئ المهتم بهذا الموضوع بعض الصبر، وأن يقرأ ويتفكر ويتدبر فيما يقرأ.)
الكلام نصًا للإمام الطبري ورواته الذين استند على رواياتهم في تفسير الآيات الثلاث:ومعنى الحروفثنا = أي حدثنا . ثني = أي حدثني . من مصطلحات رواية الحديث .) كلام الإمام الطبري رحمه الله:
ـ القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا (5) }قال الطبري (رحمه الله) وقد بيَّنا فيما مضى ق